Imam Abu Hasan al-Asha'ari dan Asyaa'iraah.
يقول الشيخ قـاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب السبكي في الطبقات "واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم يبدع رأيا ولم يُنشِ مذهبا وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدي به في ذلك السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعريا" اهـ
ثم قال في موضعءاخر: "قال المآيرقي المالكي: ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة إنما جرى على سنن غيره وعلى نصرة مذهب معروف فزاد المذهب حجة وبيانا، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهبا به، ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نسب إلى مالك، ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له مالكي، ومالك إنما جرى على سنن من كان قبله وكان كثير الاتباع لهم، إلا أنه لما زاد المذهب بيانا وبسطا عزي إليه، كذلك أبو الحسن الأشعري لا فرق، ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه وما ألفه في نصرته " اهـ
وقال "وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجـماعة يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله " ثم يقول بعد ذلك: "وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة" اهـ
ويقول الشيخ عز الدين بن عبد السلام في عقيدته: "واعتقاد الأشعري رحمه الله مشتمل على ما دلت عليه أسماء الله التسعة والتسعون "
أما الشيخ محمد العربي التبان شيخ المالكية في الحرم المكي فيقول: "فحول المحدثين من بعد أبي الحسن إلى عصرنا هذا أشاعرة وكتب التاريخ والطبقات ناطقة بذلك " اهـ
وقال القاضي ابن فرحون المالكي في ترجمة الإمام الأشعري ما نصه " "كان مالكيا صنف لأهل السنة التصانيف وأقام الحجج على اثبات السنن وما نفاه أهل البدع " ثم قال: "فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المعتزلة ومن بعدهم من الملحدة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة وظهر عليهم، وكان أبو الحسن القابسي يثني عليه وله رسالة في ذكره لمن سأله عن مذهبه فيه أثنى عليه وأنصف، وأثنى عليه أبو محمد بن أبي زيد وغيره من أئمة المسلمين " اهـ
ولقد أنصف الحبيب عبد الله بن علوي الحداد حين قال: "إن الحق مع الفرقة الموسومة بالأشعرية نسبة إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله الذي رتب قواعد عقيدة أهل الحق وحرر أدلتها، وهي العقيدة التي أجمعت عليها الصحابة ومن بعدهم من خيار التابعين وهي عقيدة أهل الحق من أهل كل زمان ومكان، وهي عقيدة جميع أهل التصوف كما حكى ذلك أبو القاسم القشيري في أول رسالته، وهي بحمد الله عقيدتنا وعقيدة إخواننا من السادة الحسينيين المعروفين بآل أبي علوي، وعقيدة أسلافنا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ثم أنشد
وكن أشعريا في اعتقادك إنه هوالمنهل الصافى عن الزيغ والكفر"ا. هـ
وإجمال إعتقاد الأشعري رحمه الله تعالى الذي هو اعتقاد أهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له، ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدود مقدر ، ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شىء ﴿ليس كمثله شىء وهو السميع البصير﴾، قديم لا بداية لوجوده، دائم لا يطرأ عليه فناء، لا يعجزه شىء، ولا تحيط به الجهات ، كان قبل أن كون المكان بلا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا يقال متى كـان ولا أين كان ولا كـيف، لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان، تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، وانه سبحانه منزه عن الجلوس والمماسة والاستقرار ، والتمكن والحلول والانتقال، لا تبلغه الأوهام ولا تدركـه الأفهام مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك، حي، عليم، قادر، سميع بصير، متكلم وكلامه قديم كسائر صفاته لأنه سبحانه مباين لجميع المخلوقات في الذات والصفات والأفعال. ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر وأنه سبحانه وتعالى خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وءاجالهم، لا دافع لما قضى ولا مانع لما أعطى، يفعل في ملكه ما يريد ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾ ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه سبحانه موصوف بكل كمال يليق به منزه عن كل نقص في حقه
وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، صادق في كل ما يبلغه عن الله تعالى